متى يبدأ الطفل بالكلام والمشي؟

متى يبدأ الطفل بالكلام والمشي؟

تعتبر مراحل تطور الطفل من أكثر الموضوعات التي تثير فضول الأمهات والآباء على حد سواء، خاصة فيما يتعلق بوقت بدء الطفل في اكتساب المهارات الأساسية مثل الكلام والمشي. يعد كل من الكلام والمشي من الإنجازات الكبرى في حياة الطفل، وهما يشيران إلى تطور جسدي وعقلي، كما يساهمان في تأهيله للتفاعل مع البيئة المحيطة به. ومع ذلك، توجد فروق كبيرة بين الأطفال في وتيرة تطورهم، مما يجعل من الصعب تحديد توقيت دقيق لهذا التطور.

تطور الطفل في اللغة والكلام

يمر الأطفال خلال السنة الأولى من حياتهم بعدة مراحل لغوية أساسية. يمكن تقسيم هذه المراحل إلى فترات صغيرة تعكس تقدماً تدريجياً نحو تكامل مهارات الكلام والفهم. من الجدير بالذكر أن العوامل الوراثية، البيئية، التفاعل الاجتماعي، والتغذية تلعب دوراً مهماً في تحديد متى يبدأ الطفل في نطق الكلمات الأولى.

المرحلة الأولى: ما قبل الكلام

في البداية، تبدأ قدرات الطفل على التعبير عن نفسه في شكل أصوات بسيطة مثل البكاء، الذي يعد وسيلة التواصل الأساسية مع الأم أو من يعتني به. في هذه المرحلة، يعتبر الطفل صوتياً غير قادر على إصدار كلمات، ولكن الأصوات التي يصدرها قد تحمل معاني معينة بالنسبة للأم، مثل الجوع أو الألم أو التعب.

تبدأ المرحلة التي تليها مع صدور أصوات غير واضحة، ويكون ذلك عادة في الشهر الثالث أو الرابع من العمر. يتمكن الطفل في هذه المرحلة من إصدار أصوات هادئة مثل “آآآ”، وهي محاولة منه لتطوير القدرة على التنسيق بين العضلات التي يحتاجها في نطق الكلمات المستقبلية.

المرحلة الثانية: مرحلة الجلب والتكرار

مع مرور الوقت، يبدأ الطفل في استخدام الأصوات بشكل أكثر تنوعاً. في سن الستة أشهر تقريباً، يبدأ الطفل في إصدار أصوات أكثر تطوراً مثل “با” أو “ما” أو “دا”، وهي ما يُعرف بالأصوات التكرارية التي يسعى من خلالها الطفل للتفاعل مع من حوله. هذه الأصوات هي جزء من عملية تعلم اللغة وهي بمثابة “حروف لبنات الكلام”.

تعد هذه المرحلة من أهم مراحل تطور اللغة حيث يبدأ الطفل في استكشاف تفاعلاته الصوتية مع البيئة المحيطة به، ويعتبر هذا الأساس الذي تبنى عليه مهارات اللغة في المستقبل.

المرحلة الثالثة: الكلمات الأولى

بحلول الشهر التاسع أو العاشر من العمر، يبدأ معظم الأطفال في إصدار كلمات أولية قد تكون بسيطة جداً. أشهر الكلمات التي قد ينطقها الأطفال في هذه المرحلة هي “ماما” أو “بابا”. وتعتبر هذه الكلمات بمثابة بداية فعالة للتواصل اللغوي، حيث يبدأ الطفل في ربط الأصوات بمعاني معينة.

عند بلوغ الطفل سنة ونصف من العمر، يستطيع البعض نطق عدد من الكلمات البسيطة مثل “نعم” أو “لا”، وربط الكلمات بمعاني حياتية يومية. وهذا يتزامن مع زيادة استيعاب الطفل للأوامر البسيطة والتوجيهات.

المرحلة الرابعة: تكوين الجمل البسيطة

تبدأ المهارات اللغوية للطفل بالتطور بشكل أكبر مع اقترابه من سن عامين. في هذه الفترة، يبدأ الطفل في استخدام الجمل القصيرة مثل “أريد ماء” أو “أريد لعب”. ومن الطبيعي أن تكون هذه الجمل غير مكتملة أو تحتوي على بعض الأخطاء، لكن هذه البداية هي مؤشر على تطور القدرات اللغوية لدى الطفل. كما يبدأ الطفل في فهم المعاني الأكثر تعقيداً مثل التوجيهات المباشرة أو الأسئلة.

بحلول سن ثلاث سنوات، يصبح الطفل أكثر قدرة على استخدام الجمل الكاملة والمفهومة، حيث تبدأ مهاراته في التعبير عن أفكاره وأحساسه بالوضوح.

تطور الطفل في المشي والحركة

من جانب آخر، يعد المشي مرحلة رئيسية في تطور الطفل الحركي. وهذه المهارة ليست مقتصرة على الجانب الجسدي فحسب، بل تتطلب التنسيق بين العضلات الكبرى والصغرى، وتحسين التوازن، بالإضافة إلى اكتساب الثقة في الحركة. مثل الكلام، يتفاوت الوقت الذي يبدأ فيه الأطفال في المشي، لكن بشكل عام، يمر الطفل بعدة مراحل رئيسية في تعلم المشي.

المرحلة الأولى: التمكين من الجلوس

قبل أن يبدأ الطفل في المشي، فإنه يمر بفترة طويلة من التدريب على الجلوس بثبات. في العادة، يبدأ الأطفال في الجلوس بشكل مستقل عند بلوغهم حوالي ستة أشهر. يساهم هذا في تقوية عضلات الظهر والبطن مما يساعدهم لاحقاً على دعم أنفسهم في الوقوف.

المرحلة الثانية: الزحف

مع بلوغ الشهر السابع أو الثامن، يبدأ العديد من الأطفال في الزحف. يعتبر الزحف خطوة أساسية نحو المشي لأنه يساعد الطفل على تقوية عضلات الأطراف السفلية ويساهم في تطوير التنسيق بين اليدين والركبتين. الزحف يمثل أيضاً وسيلة مهمة للطفل لاستكشاف بيئته المحيطة به، ويعزز من مهاراته الحركية.

المرحلة الثالثة: الوقوف

في الشهر التاسع أو العاشر، تبدأ أغلب الأطفال في محاولة الوقوف بمساعدة الأشياء المحيطة بهم. على سبيل المثال، قد يبدأ الطفل في الاعتماد على الأثاث أو جدران الغرفة للوقوف. في البداية، قد يبدو أن الطفل يواجه صعوبة في الحفاظ على توازنه، لكنه مع مرور الوقت، يصبح قادراً على تثبيت نفسه بشكل أفضل.

المرحلة الرابعة: أول خطوة مستقلة

بين سن 9 إلى 12 شهراً، يبدأ الكثير من الأطفال في اتخاذ خطوات مستقلة. في هذه المرحلة، يكون الطفل قد تعلم التنسيق بين عضلاته، ويمكنه دعم وزنه على قدمه. بعض الأطفال يبدأون في المشي على عمر 10 أشهر، بينما آخرون قد يتأخرون قليلاً ويبدأون في المشي عند بلوغ 14 أو 15 شهراً.

المشي هو أحد المعالم الهامة في حياة الطفل، لأنه يعكس تطورًا جسديًا وعقليًا كبيرًا، ويسمح له بالتحرك بحرية واستكشاف محيطه بشكل أفضل.

المرحلة الخامسة: المشي المستقل والتوازن

مع مرور الوقت، يصبح المشي أكثر استقراراً وسلاسة. في عمر 18 شهراً، يبدأ الطفل في المشي بشكل أكثر اتزاناً، ويصبح قادراً على التنقل بسهولة أكبر. على الرغم من أن المشي قد يبدو طبيعياً ومعتاداً بالنسبة للكثيرين، إلا أنه يتطلب الكثير من التنسيق بين عضلات الجسم المختلفة.

التأثيرات البيئية على تطور الكلام والمشي

لا يمكن تجاهل تأثير العوامل البيئية على تطور اللغة والمشي لدى الأطفال. قد تختلف هذه العوامل حسب البيئة العائلية، الثقافية، والتعليمية. في بعض الثقافات، يتم تشجيع الأطفال على الزحف والمشي في وقت مبكر من خلال توفير بيئات آمنة ومحفزة، بينما في ثقافات أخرى قد يختلف التركيز على دعم الطفل في نطق الكلمات أو تعليم الحركات المتقدمة.

بالإضافة إلى ذلك، يلعب الاهتمام من قبل الوالدين أو من يعتني بالطفل دورًا كبيرًا في تعزيز مهاراته. التفاعل المستمر مع الطفل، التحدث معه، والتفاعل مع تحركاته كل ذلك يساهم في تسريع تطوره اللغوي والحركي.

الخلاصة

إن معرفة الوقت الذي يبدأ فيه الطفل بالكلام والمشي هو أمر يختلف من طفل إلى آخر. بينما تتبع معظم الأطفال تسلسلًا مشابهًا في تطور الكلام والمشي، يظل هناك تفاوت فردي في التوقيت. لذلك، من المهم أن يتفهم الوالدان أن لكل طفل وتيرة نموه الخاصة وأن التأخر الطفيف في اكتساب هذه المهارات لا يشير بالضرورة إلى مشكلة. مع دعم الحب والرعاية، سيصل كل طفل إلى هذه المراحل في الوقت المناسب بالنسبة له.